كيف أسس "جبران" سوق القهوة المختصة في العراق؟

كيف أسس "جبران" سوق القهوة المختصة في العراق؟


شهدت ثقافة القهوة في العراق تحولات جذرية خلال السنوات الأخيرة. قبل هذه الفترة، كانت كلمة "القهوة المختصة" مصطلحًا غريبًا تمامًا في السوق المحلي. اقتصرت اختيارات القهوة على العلامات التجارية العالمية المعروفة مثل لافازا، أو الأنواع التقليدية المتاحة في الأسواق العامة، ولم يكن هناك اهتمام أو إدراك لطرق التحضير الحديثة أو أدواتها المتخصصة. وسط هذا الواقع، ظهرت "جبران" بفكرة مبتكرة وتحدٍّ كبير، بهدف خلق سوق جديد كليًا يعتمد على التخصص والجودة والإبداع.

بداية الرحلة والتحديات

عندما بدأنا رحلتنا في "جبران"، كانت رؤيتنا واضحة من البداية: تأسيس ثقافة جديدة للقهوة في العراق بعيدًا عن التقليدية. في تلك الفترة لم تكن أدوات القهوة المتخصصة مثل V60 معروفة على الإطلاق، ولم يكن هناك أي متجر يوفر مثل هذه الأدوات أو يشرح كيفية استخدامها. واجهنا مصطلحات غير صحيحة سائدة في السوق المحلي، فمثلًا "التامبر" أو ضاغط القهوة كان معروفًا محليًا باسم "اسطمبة".

واجهنا كذلك تحديات كبيرة في عمليات الاستيراد، حيث كانت إجراءات الحصول على حبوب القهوة مباشرة من المزارع العالمية معقدة للغاية بسبب البيروقراطية وصعوبات النقل والجمارك. بالرغم من ذلك، حرصنا على جلب أول دفعة من القهوة المختصة مباشرة من المزارع إلى العراق، الأمر الذي شكّل بداية تغيير جذري في ثقافة استهلاك القهوة.

جهود التوعية والتثقيف

كنا أيضًا أول من أطلق جلسات تذوق القهوة (Cupping Sessions) بشكل علني ومنظم في العراق، بهدف تعريف الناس بفروقات النكهات والمصادر والمعالجات. كانت هذه الجلسات فرصة لتعزيز ثقافة التذوق الاحترافي، وتوسيع مدارك الزبائن حول ما تعنيه القهوة المختصة فعلًا.

لم يقتصر عملنا في "جبران" على البيع فقط، بل كانت جهود التوعية والتثقيف جزءًا أساسيًا من رؤيتنا. فاسسنا مدرسة بغداد للقهوة قضينا ساعات طويلة يوميًا، حتى في أوقات متأخرة من الليل، في الرد على أسئلة الزبائن وتوضيح التفاصيل حول مصادر القهوة وأفضل طرق التحضير. قدمنا دورات تدريبية وورش عمل تهدف إلى رفع مستوى المعرفة وزيادة الوعي لدى العملاء.

ساهمت هذه الجهود في خلق قاعدة متزايدة من المهتمين بالقهوة المختصة، وانتقلت الثقافة تدريجيًا من حالة عدم الوعي إلى حالة التخصص والطلب المتزايد.

إدخال العلامات التجارية الجديدة

مع توسع السوق وزيادة الإقبال، قمنا في "جبران" وعبر براند كشتة بإدخال العديد من العلامات التجارية العالمية التي لم تكن معروفة مسبقًا في العراق مثل تايم مور (Timemore)، وكافك (Cafec)، وتودّي (Toddy)، وغيرها من الماركات الرائدة في مجال القهوة وأدوات التحضير. لقد ساعدت هذه العلامات في إثراء السوق المحلي وتعزيز ثقافة الجودة والتخصص بين المستهلكين.

النمو والتوسع

من محمصة صغيرة على السطح الى اكبر مركز يخص القهوة ومستلزماتها في قلب بغداد، كانت رحلة النمو لـ"جبران" مليئة بالتحديات والإنجازات. أطلقنا أول بار مختص يقدم القهوة على طريقة V60 بشكل علني للجمهور، وكان هذا البار نقطة تحول حقيقية ساهمت في نشر ثقافة القهوة المختصة وتوسيع نطاق جمهورها بشكل ملحوظ وتراها اليوم على في جميع الكافيهات والسلاسل الشهيرة في بغداد.

وخلال خمس سنوات، قدمنا في "جبران" أكثر من 50 محصولًا مختلفًا من أجود أنواع القهوة، وأدخلنا أكثر من 15 علامة تجارية رسمية معتمدة في العراق. نحن أيضًا الجهة الوحيدة المرخصة من قِبل جمعية القهوة المختصة العالمية (SCA)، بقيادة محمد كمال، أول مقيم جودة معتمد في العراق.

 

اليوم، أصبح السوق العراقي للقهوة المختصة سوقًا متنوعًا ومتزايدًا يجذب العديد من المنافسين ورواد الأعمال الجدد. لم تعد القهوة المختصة مجرد فكرة غير مألوفة، بل أصبحت جزءًا مهمًا من ثقافة الحياة اليومية في العراق. نحن في "جبران" نعتز ونفخر بأننا كنا الشرارة الأولى التي أشعلت هذه الحركة، ومهدنا الطريق لثقافة مزدهرة للقهوة المختصة في بغداد والعراق ككل. مستمرون في جهودنا لتقديم الأفضل دائمًا، والارتقاء بالسوق نحو المزيد من التميز والابتكار.

RELATED ARTICLES